فصل: فصل في الأورام الحادثة في الغدد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.فصل في الطواعين:

كان أقدم القدماء يسمون ما ترجمته بالعربية الطاعون كل ورم يكون في الأعضاء الغددية اللحم والخالية.
أما الحساسة مثل اللحم الغددي الذي في البيض والثدي وأصل اللسان وأما التي لا حسّ لها مثل اللحم الغددي الذي في الإبط والأربية ونحوها.
ثم قيل من بعد ذلك لما كان مع ذلك ورماً حاراً ثم قيل لما كان مع ذلك ورماً حاراً قتالأً ثم قيل لكل ورم قتال لاستحالة مادته إلى جوهر سمي يفسد العضو ويغير لون ما يليه وربما رشح دماً وصديداً ونحوه ويؤدي كيفية رديئة إلى القلب من طريق الشرايين فيحدث القيء والخفقان والغشي وإذا اشتدت أعراضه قتل.
وهذا الأخير يشبه أن تكون الأوائل كانوا يسمونه قوماطا.
ومن الواجب أن يكون مثل هذا الورم القتال يعرض في أكثر الأمر في الأعضاء الضعيفة مثل الآباط والأربية وخلف الأذن ويكون وأسلم الطواعين ما هو أحمر ثم الأصفر والذي إلى السواد لا يفلت منه أحد والطواعين تكثر في الوباء وفي بلاد وبيئة وقد وردت أسماء يونانية لأشياء تشبه الطواعين مثل طرفيترس وقوماطا وبوماخلا وبوبوس وليس عندنا كثير تفصيل بين مسمياتها.
فصل في العلاج:
أما الاستفراغ بالفصد وما يحتمله الوقت أو يوجبه مما يُخرج الخلط العفن فهو واجب ثم يجب أن يقبل على القلب بالحفظ والتقوية بما فيه تبريد وعطرية مثل حماض الأترج والليمون وربوب التفاح والسفرجل ومثل الرمان الحامض وشم مثل الورد والكافور والصندل والغذاء مثل العدس بالخلّ ومثل المصوص الحامض جداً المتخذ.
من لحوم الطياهيج والجداء.
ويجب أن يكلل مأوى العليل بالجمد الكثير وورق الخلاف والبنفسج والورد والنيلوفر ونحوه.
وتجعل على القلب أطلية مبردة مقوية مما تعرف من أدوية أصحاب الخفقان الحار وأصحاب الوباء وبالجملة يدبر تدبير أصحاب الهواء الوبائي.
وأما الطاعون نفسه وما يجري.
مجراه مما سقي فيعالج في البدء بما يقبض ويبرد وبإسفنجة مغموسة في ماء وخل أو في دهن الورد أو دهن التفاح أو شجرة المصطكي أو دهن الآس.
هذا في الابتداء ويعالج بالشرط إن أمكن ويسيل ما فيه ولا يترك أن يجمد فيزداد سمية.
وإن احتيج إلى محجمة تمصّ باللطف فعل وما كان خراجي الجوهر فيجب أن تشتغل عند انتهائه أو مقاربة الانتهاء بالتقييح.
وإذا كان هناك حمى فتأن في التبريد لئلا ترد المادة إلى خلف.
والتقييح يكون بمثل النطل بماء البابونج والشبث وسائر المقيحات اللطيفة التي تذكر في أبواب الخراجات.
قالوا أما قوماطا وميغيلوس فينفعها ضمّاد برشياوشان والسرمق واللبلاب وأصل الخطمي مع قليل أشق وعسل بالشراب أو دبق مع راتينج وقيروطي أو وسخ كوارة النحل وترمس منقع في خل أو أصل قثاء الحمار مع علك البطم أو نطرون مع تين أو مع خمير.

.فصل في الأورام الحادثة في الغدد:

وأما الأورام الغددية التي ليست تذهب مذهب الطواعين فربما وقعت موقع الدفوع في البحارين وربما وقعت موقع الدفوع عن الأعضاء الأصلية وربما جلبها قروح وأورام أخرى على الأطراف تجري إليها مواد فتسلك في طريقها تلك اللحوم فتتشبث فيها كما يعرض للأربية والإبط من تورمهما فيمن به جرب أو قروح على الرجلين واليدين وربما كانت مع امتلاء من البدن وربما لم يكن في البدن كثير امتلاء.
وعلاجها كما علمت يخالف علاج الأورام الأخرى في أنها لا تبدأ بالدفْع ولا تسّتعمل فيها ذلك بل الاستفراغ بالفصد والإسهال مما لا بد منه.
وأما العلاج الآخر فيتوقف فيه إن أمكن حتى تستبان الحال فإن كان على سبيل البحران أو على سبيل الدفع عن عضو رئيس فلا ينبغي أن يمنع البتة بل يجذب إلى العضو أي جذب أمكن ولو بالمحاجم.
وأما إن كان لكثرة الإمتلاء فالاستفراغ هو الأصل وتقليل الغذاء وتلطيفه ولا تستعمل الدافعات بل المرخيات مع أنه لا تستعمل المرخيات أيضاً من غير استفراغ فربما حتى ذلك على العضو يجذب المادة الكثيرة.
بل إذا استعملت المرخّيات فاستفرغ مع ذلك واجذب المادة إلى الخلاف.
والخطر في الدافعات رد المادة إلى الأحشاء والأعضاء الرئيسة والخطر في المرخيات جلب مادة كثيرة.
والاستفراغ وإمالة المادة تؤمن مضرة المرخيات.
وإذا اشتد الوجع فلا بد من تسكينه بمثل صوفة مبلولة بزيت حار ثم يزاد فيه في آخره الملح حتى يسكن الورم بما يتحلل وفي الأول ربما زاد في الوجع.
وإذا كان البدن نقياً أو نقيته فحلل ولا تبال وربما نجع في التحليل مثل دقيق الحنطة وأسلم منه دقيق الشعير وربما عظم المحلل القوي الورم فلا يستعمل إلا إذا احتيج إلى دفع من الأعضاء الرئيسة لجذبه المادة عنها إلى الورم خوفاً على تلك الرئيسة وكثيراً ما يبرئها في الإبتداء الزيت المسخن وحده يصب عليه.
وأما إذا كان الورم في لحم رخو هو في عضو شريف مثل الثدي والخصية ولم تخف من منعه.

.فصل في الخراجات الحارة:

والخراج من جملة الدبيلات ما جمع من الأورام الحارة فكان اسم الدبيلة يقع على كل تورم يتفرغ في باطنه موضع تنصب إليه مادة ما فتبقى فيه أية مادة كانت.
والخراج ما كان من جملة ذلك حاراً فيجمع المدة وقد يبتدىء الورم الحار كما هو جمع وتفرق اتصال باطن وقد لا يبتدىء كذلك بل يبتدىء في ابتداء الأورام الحادة الصحيحة ثم يَؤول أمره عند المنتهى أن يأخذ في الجمع.
ولنؤخر الكلام في الدبيلات البارعة التي تحتوي على أخلاط مخاطية وجصية وحصويه ورملية وشعرية وغير ذلك وعلى أن من الناس من خص باسم الدبيلات ما فيه أخلاط من هذا الجنس.
لكنا الآن نتكلم فيما يجمع المدة فإن هذا ابتدأ إخراجاً لمادة دفعتها الطبيعة فلم يمكن أن تنفذ في الجلد ولا أن يتشربها اللحم بل فرقت لها اتصالاً لغلظها تفريقاً ظاهراً فاسكتنت في خلل ما يتفرق وفي الأكثر يظهر لها رأس محدد وخصوصاً إن كانت المادة حادة.
وهذه الخراجات تبتدي فتجمع المدة ثم تنضج المدة ثم تنفجر وربما احتاجت إلى تقوية في الإنضاج والانفجار وربما لم تحتج.
وكلما كان الخراج أشدّ ارتفاعاً واحمراراً وأحد رأساً فالخلط المحدث له أشدّ حرارة وهو أسرع نضجاً وتحللاً وانفجاراً وخصوصاً الناتئ البارز الصنوبري وما كان بالخلاف مستعرضاً غائصاً قليل الحمرة فهو غليظ المادة رديء مائل إلى باطن قليل الوجع ثقيل الحركة وأردأ هذا ما كان انفجاره إلى باطن فيفسد ما يمر عليه ومنه ما يندفع إلى الجانبين وأحد انفجاره ما كان إلى التجويف الخاص بالعضو الذي له مسيل إلى خارج مثل خراج المعدة ولأن ينفجر إلى باطنه وتجويفه خير من أن يتفجر إلى ظاهره وإلى.
التجويف المحيط به المراق.
وكما أن الانفجار الدماغي إلى التجويفين المقدمين أحمد لأن لهما منفذاً مثل منفذ الأنف والأذن والقمع إلى الفم وإذا انفجر إلى الفضاء المحيط بالدماغ أو إلى البطن المؤخر لم يجد منفذاً إلى خارج وأضر ضرراً شديداً وليس كل عضو صالحاً لأن يحدث فيه خراج فإن المفاصل يقلّ خروج الخراج فيها لأن فيها أخلاطاً مخاطية ومكانها واسع غير خانق للمادة ولا حابس ليخرج إلى العفن فإن خرج هناك خراج فلأمر عظيم وشر الخراجات وأخبثها ما خرج على أطراف العل الكثيرة العصب.
والخراجات تختلف مدة نضج مدتها بحسب الخلط في لطافته وغلظه والمزاج في حره وبرده واعتداله وبحسب الفصل والسن وجوهر العضو.
وإنما لا ينضج الخراج ويستحيل ما فيه قيحاً بسبب قلة الحار الغريزي في العضو أو بسبب غلظ جوهر المادة وقد يبلغ من ذلك أن يتقيح في باطنه ولا يظهر للحس لغؤور القيح وغلظ ما عليه.
والمدة قد توقف على نضجها سريعاً وقد لا توقف بحسب جوهرها في الغلظ فلا تلين بسرعة وإن نضجت وفي الرقة فتلين بسرعة وبحسب ما عليها من اللحم القليل والكثير.
وأسباب الخراج والوقوع إلى المدة الامتلاء وكثرة المادة وفسادها.
وأسباب أسبابها التخمة والرياضات الرديئة والأمراض التي لا تبحرن بالاستفراغ الظاهر والآفات النفسانية من الغموم والهموم المفسدة للدم.
ومن الخراجات ضرب يسمى طرميسوس وهو خراج ينفجر فيخرج ما تحته شبيهاً باللحم الجيد ثم يظهر عنه مدة أخرى ومن الخراجات ضرب آخر يسمى البن وهو خراج قرحي مستدير أحمر لا يعرى صاحبه عن الحمى في أكثر الأمر وحدوثه في أكثر الأمر في الرأس وقد يحدث في غيره.
فصل في دلائل كون الورم خراجاً:
إذا رأيت ضرباناً كثيراً وصلابة مساعدة وحرارة نظن أن الورم في طريق صيرورته خراجاً.
فصل في دلائل النضج وعلامته:

.فصل في أحكام المدة:

المدة الجيدة هي البيضاء الملساء التي ليست لها رائحة كريهة وإنما تصرفت فيها الحرارة الغريزية وإن لم يكن بد من مشاركة الغريبة وإنما تزاد ملاستها ليعلم أنها متفقة الانفعال عن القوة الهاضمة ولم يختلف فعلها في عاص ومطيع ويطلب أن لا يكون لها رائحة شديدة الكراهة لتكون أبعد من العفونة.
قالوا: ويطلب منها البياض لأن ألوان الأعضاء الأصلية بيض ولن يشبهها إلا الطبيعة المقتدرة عليها.
والمدة الرديئة هي المنتنة الدالة على العفونة التي هي ضد النضج وتدل على استيلاء الحرارة الغريبة وإذا خرجت مدة مختلفة الأجزاء متفننة الألوان والقوامات فهي أيضاً من الجنس المخالف للجيّد ولا بدّ لكل مدة تحصل في بدن من عفونة أو نضج أو برد واستحالة بنحو آخر.
فصل في دلائل الخراج الباطن:
إذا حدث ورم حار في الأحشاء فعرضت قشعريرات وحميات لا ترتيب لها.
واشتد الوجع وكانت القشعريرة في الأوائل أطول مدة ثم لا تزال تقصر مدّتها وازداد ثقل الورم.
فاعلم أن الورم صار خراجاً وأنه هو ذا يجمع وإنما تكون هذه الأوجاع في الابتداء أشد.
وكلما بلغ المنتهى نقص لأن التمزق يكون في الابتداء والتمزق وتفرق الاتصال أوجع ما يحدث منه عندما يحصل وعندما تصير المادة مدَة تسكن أيضاً الحمى الشديدة والالتهاب فتسكن الحمى الواقعة بمشاركة القلب.
واعلم أن صلابة النبض هو الشاهد الأكبر فإذا ظهرت علامات الخراج والدبيلة في الأحشاء ولم يصلب النبض فلا تحكم جزماً بالخراج الباطن فإن في مثله ربما لم يكن في الأحشاء بل في الصفاق الذي يحيط بالأحشاء وأنت تحسّ في الجانب الذي فيه الخراج بالثقل الذي يتعلق منه وبالوجع.
فصل في دلائل نضج الباطن:
إذا عرضت دلائل الخراج الباطن ثم مكنت الأعراض من الحمّى والقشعريرة والأوجاع سكوناً ما وما بقي الثقل فاعلم أن المدة قد استحكمت والنضج كان.
فصل في دلائل قرب انفجار الباطن:
فإذا عاودت الأوجاع ونخست ولذعت واشتد الثقل وتشابهت الحميات فإن الانفجار قد قَرُب.
فإذا عرض النافض بغتةً وسكن الثقل والوجع فقد انفجر وخصوصاً إذا ظهرت عنه المدة مستفرغة تلذع ما تمر به ولا بد من ذبول قوة وضعف يدخل.
وإذا انفجر الخزاج الباطن انفجاراً دفعةً وخرج شيء كثير فربما يعرض خفقان وغشي رديء وربما عرض موت لانحلال القوة وربما عرض قيء وإسهال وربما عرض نفث مدة كثيرة دفعةً إذا كان الخراج في الصدور وربما عرض اختناق إذا انفجر إلى الصدر شيء كثير دفعة.